الاثنين، 31 أغسطس 2015

الحمد لله الحي القيوم ذي الجلال والإكرام شرع لنا فضلاً منه وتكرماً حج بيته الحرام وجعله محلاً لتنزلات الرحمة ومحو الآثام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خص الحج بوقت محدود في العام وأطلق العمرة في سائر الأيام وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخليله وحبيبه أفضل من أدى مناسك الإحرام صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بسنته ووقفوا بتلك المشاعر العظيمة.

أما بعد: فإن من أراد الحج ينبغي أن يعمل أموراً غفل عنها كثير من الناس أوجزها فيما يأتي:
أولاً: المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والآثام لقوله تعالى [وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون].
ثانياً: الاجتهاد في قضاء الدين ورد الودائع وأداء حقوق الله من زكاة وكفارة ونذر قبل أن يخرج للحج.
ثالثاً: كتابة الوصية قبل السفر.
رابعاً: الاجتهاد في رضا والديه ومن يتوجب عليه بره وطاعته.
خامساً: الحرص على النفقة الحلال وذلك بأن تكون من الكسب الطيب لقوله تعالى [يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون]، ولقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا" رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
سادساً: ينبغي للحاج أن يتعلم كيفية الحج وهذا فرض إذ لا تصح العبادة ممن لا يعرفها ويستحب أن يأخذ معه كتاباً واضحاً جامعاً لأحكام المناسك ليستفيد منه.
سابعاً: اختيار الرفقة الصالحة التي تعينه على الخير وتبعده عن الشر وإن تيسر أن يكون الرفيق من طلاب العلم فذلك حـسن لأنه يعينه على مبارِّ الحج ومكارم الأخلاق ويمنعه بعلمه وعمله من مساوئ الأخلاق والتساهل بالأمور الشرعية وشغل الوقت بما لا ينفع، وليحذر المسلم من مصاحبة الجهال والسفهاء والكذابين والنمامين والمجاهرين بالمعاصي قولاً وفعلاً لئلا يعود خاسراً والعياذ بالله، قال تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا).
ثامناً: يجب على الحاج أن يقصد بحجه وجه الله والدار الآخرة والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، ويحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله، قال تعالى: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين).
تاسعاً: المتابعة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جميع الأعمال، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (لتأخذوا عني مناسككم)، فالمتابعة شرط لقبول العمل الصالح، مع الإخلاص لله جل وعلا، قال سبحانه: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
عاشراً: ترك الرفث والفسوق والجدال بالباطل وما لا فائدة منه، فإن ذلك أحرى لقبول الله العمل.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا جميعاً للصالح من القول والعمل، وأن يتقبل منا ومن جميع المسلمين صالح الأعمال إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخميس، 16 يوليو 2015

مايشرع فعله ليلة العيد ويوم العيد

"ما يشرع ليلة العيد ويوم العيد"
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإليك -أخي المسلم- ما يشرع فعله ليلة العيد ويوم العيد من السنن التي أمرنا الله بها ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن هذه السنن:

أولاً: يسن التكبير المطلق من غروب شمس آخر يوم من رمضان، ويستمر ليلة العيد وفي الطريق إلى مُصلى العيد، ووقت انتظار صلاة العيد حتى يخرج الإمام.

ثانيًا: يسن الاغتسال ليوم العيد، والأصل أن يكون بعد طلوع الفجر، ولا بأس أن يكون قبيل طلوع الفجر استعدادًا للصلاة حتى لا يتأخَّر عنها.

ثالثًا: السنة أن يفطر قبل الخروج لصلاة العيد على تمرات، ويجعلهنَّ وِترًا؛ ففي الحديث الصحيح الذي رواه البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات"، وفي رواية للبخاري "ويأكلهنَّ وترًا".
قال بعض العلماء رحمهم الله:
الحِكمة في الأكل قبل الخروج إلى الصلاة: المبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى بفطر هذا اليوم المنهي عن الصيام فيه، كما بادرنا إلى امتثال أمره بالصيام في رمضان.

رابعًا: يسن التزين يوم العيد بلبس أحسن الثياب، والتعطر والتسوُّك للرجال.

خامسًا: السنَّة حضور النساء لصلاة العيد غير مُتعطِّرات ولا مُتزيِّنات بزينة ظاهِرة، وإذا كانت المرأة حائضًا حضرت مع النساء وشهدت الخطبة، وكبَّرت مع الناس من غير رفع لصوتها، واعتزلت موضِع الصلاة، ولا تدخل المسجد بل يُفرَش لهنَّ خارج المسجد.

سادسًا: لا بأس في يوم العيد باللعب المباح وتناشُد الأشعار والأناشيد المباحة.

سابعاً: السنة تأخير صلاة عيد الفطر؛ ليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر، لأن أفضل وقت تُخرج فيه صباح يوم العيد قبل الصلاة.

ثامناً: يجوز التطوع قبل صلاة العيد وبعدها، ما لم يكن وقت نهي فلا يشرع إلا تحية المسجد.

تاسعاً: السنة أن تصلى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد، ولا تصلى صلاة العيد في المساجد إلا لعذر من مطر، أو برد ونحوهما، إلا في مكة فتصلى في المسجد الحرام، ولا سنة لها لا قبلها ولا بعدها، الا اذا دخل المسلم المسجد فإنه يصلي ركعتين تحية المسجد، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم "خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها" متفق عليه.

عاشراً: يسن أن يخرج لمصلى العيد الرجال والنساء والأطفال.

الحادي عشر: يسن أن يخرج المصلي لصلاة العيد ماشياً، ويبكر المأموم، أما الإمام فيتأخر إلى وقت الصلاة، والسنة أن يذهب من طريق، ويعود من طريق آخر؛ إظهاراً لهذه الشعيرة، واتباعاً للسنة.

الثاني عشر: يسن أن يخرج إلى المصلى وهو يكبر، فإذا وصل المصلى صلى تحية المسجد اذا كان مسجداً، ثم اشتغل بعبادة الوقت وهي التكبير إلى أن يدخل الإمام.

الثالث عشر: يسن للمسلم بعد صلاة العيد أن يجلس لاستماع خطبة العيد، فمن أحب أن ينصرف فلينصرف، ومن أحب أن يجلس ويسمع الخطبة -وهو الأفضل- فليجلس.

الرابع عشر: يسن للمسلم أن يُخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد وهذا هو أفضل وقت لإخراجها.

الخامس عشر: إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد: فمن صلى العيد سقط عنه حضور الجمعة، وصلى بدلها ظهراً، والأَولى أن يصلي العيد والجمعة معاً؛ طلباً للفضيلة، وينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يصل العيد من المسلمين.

السادس عشر: من أدرك الإمام قبل سلامه من صلاة العيد قضاها على صفتها بعد سلام الإمام، ومن فاتته كلها قضاها على صفتها جماعة.

هذا ما يسر الله لي ذكره في هذا المقام، اسأل الله أن ينفع به الكاتب والقارئ.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتب
فهد بن ابراهيم الجمعة
الخميس التاسع والعشرون من شهر رمضان
لعام ١٤٣٦ للهجرة

الثلاثاء، 24 مارس 2015

السنن الواردة عند نزول المطر

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فهذه بعض السنن المتعلقة بالأمطار، سائلاً الله جل وعلا أن ينفعنا بها، ومنها:
1- التعرض للمطر وذلك بأن يحسر المسلم رأسه، فعن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر. فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: "لأنه حديث عهد بربه تعالى" رواه مسلم.
2- أن نقول الذكر الوارد عند نـزول المطر، وقد وردت عدة أذكار منها:
أ – قـول "اللهم صيبًا نافعًا" فعن عائشة رضي الله عنها أن رسـول الله –صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: "صيبًا نافعًا" رواه البخـاري.
ب – قول "رحمة" لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا رأى المطر "رحمة" رواه مسلم.
ج- قول "مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله" كما في حديث خالد بن زيد رضي الله عنه عند البخاري.
3- الدعاء: فهو من مواطن استجابة الدعاء، كما في الحديث الذي أخرجه الحاكم وصححه.
4- إذا كثر المطر وخيف ضرره يسن أن يقول "اللهم حوالينا ولا علينا على الآكام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر" رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه ونحوه عند مسلم.
5- ويسن أن يقول عند سماع صوت الرعد والصواعق ما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال: "اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك" رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي وقال: (هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه)، وصححه الحاكم، وكان ابن الزبير رضي الله عنه إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال: "سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته" رواه مالك والبخاري في الأدب. وأشير إلى أن الصواعق تكثر في آخر الزمان كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل القوم فيقول من صعق تلكم الغداة فيقولون: صعق فلان وفلان وفلان" رواه أحـمد والحاكم وصححه على شرط مسلم.

* ولا بأس بالجمع بين الصلاتين إذا كثر المطر:
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعًا بالمدينة من غير خوف ولا سفر. قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني فقال: أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته. رواه مسلم.
* كما يسن الصلاة في الرحال عند نـزول المطر مع شدة البرد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه أذّن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول (ألا صلوا في الرحال) رواه مسلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.