الاثنين، 31 أكتوبر 2011

فضل صيام عشر ذي الحجة

قال أنس رضي الله عنه: كان يقال في أيام العشر من ذي الحجة: بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم "يعني في الفضل"، وعن الأوزاعي أنه قال: بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة. وكان الحسن البصري يقول: صيام يوم من أيام العشر يعدل شهرين. وكان ابن عباس ومجاهد وعطاء وغيرهم يصومونها، فهل صمت أخي الحبيب ولو يوما واحدا؟
للمزيد من مواضيعي

الأحد، 23 أكتوبر 2011

هل وردت لفظة (في جماعة) في الحديث (من صلى الصبح فهو في ذمة الله)؟

جاء في الموطأ عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله)، وفي سنن ابن ماجه عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله تعالى)، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلي من أن أقوم ليلة . "الاستذكار" (2/147)، وقد وردت أحاديث صحيحة عند مسلم وغيره من غير التقييد بلفظة (في جماعة) وهذا هو الذي عليه المصادر الحديثية لأن في هذا التقييد تضييق لسعة رحمة الله بعباده لمن له عذر في تخلفه عن صلاة الجماعة ، مع أن تعظيم قدر صلاة الجماعة لا ينكره أحد، بل وفي هذا التقييد تضييق على النساء فهن لسن ممن تجب عليهن صلاة جماعة ، والأصل في حقهن الصلاة في البيوت ، وفي الفجر خاصة ، فهل يحرمن من هذا الحرز والأمان ، ولا يدخلن في ذمة الله لعدم صلاتهن الفجر في جماعة؟، لكن لا يؤخذ هذا على التفريط في صلاة الجماعة، بل الواجب للرجال المكلفين أن يصلوا جماعة في جميع الأوقات إلا لعذر.. والله تعالى أعلم.

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

شهر ذي القعدة أحد الأشهر الحرم

استقبلنا شهر ذي القعدة، وهو من الأشهر الحرم التي تضاعف فيها الحسنات والسيئات، قال تعالى{إن عدة الشهور عند الله اثناعشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم}، فينبغي للمسلم أن يكثر من الصالحات وأن يجتنب المحرمات، وأن يجاهد نفسه الآمارة بالسوء، حتى ينال الأجر العظيم والخير الكثير.

التصدي للفتن

انتشار الفتن وتسلط الأعداء علينا من كل حدب وصوب لا بد أن نقف أمامه بالمرصاد، وذلك بالدعوة إلى الله جل وعلا بالتي هي أحسن، وتفقيه الناس في أمور دينهم، وتوضيح محاسن هذا الدين، والرجوع في ذلك إلى الكتاب والسنة، وأقوال العلماء من السلف والخلف.

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

الاحتفال بما يسمى باليوم الوطني

سيكون بعد أيام قليلة يوم يدعى ب(اليوم الوطني), وفيه تقام الاحتفالات والمهرجانات بمناسبة هذا اليوم الذي تم استحداثه, وفيه من المخالفات الشرعية والتي ينبغي على المسلم تجنبها والابتعاد عنها وإبعاد ابناءه عنها وتحذير المسلمين من حضورها والتفاعل معها, ولقد وقفت على فتوى للجنة الدائمة عن حكم الاحتفال باليوم الوطني وعيد الأم ومايسمى بعيد المولد وهذا نصه: ﺱ : ﻣﺎ ﺣﻜﻢ ﺍﻻ‌ﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ ﻭﻋﻴﺪ ﺍﻷ‌ﻡ ﻭﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺤﻔﻈﻜﻢ ؟

ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ: ﺃﻭﻻ‌ً: ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﺳﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﻌﺘﺎﺩ، ﺇﻣﺎ ﺑﻌﻮﺩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺃﻭ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ ﺃﻭ ﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ، ﻓﺎﻟﻌﻴﺪ ﻳﺠﻤﻊ ﺃﻣﻮﺭﺍً ﻣﻨﻬﺎ: ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺋﺪ ﻛﻴﻮﻡ ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻉ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﻭﻣﻨﻬﺎ: ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﺍﺕ ﻭﻋﺎﺩﺍﺕ.

ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻘﺼﻮﺩﺍً ﺑﻪ ﺍﻟﺘﻨﺴﻚ ﻭﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﻛﺴﺒﺎ ﻟﻸ‌ﺟﺮ، ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﺗﺸﺒﻪ ﺑﺄﻫﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺃﻭ ﻧﺤﻮﻫﻢ ﻣﻦ ﻃﻮﺍﺋﻒ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻬﻮ ﺑﺪﻋﺔ ﻣﺤﺪﺛﺔ ﻣﻤﻨﻮﻋﺔ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻮﻡ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ" ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ، ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ : ﺍﻻ‌ﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﻮﻟﺪ،

ﻭﻋﻴﺪ ﺍﻷ‌ﻡ،

ﻭﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ،

ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻭﻝ ﻣﻦ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻟﻢ ﻳﺄﺫﻥ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ،

ﻭﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎﺭ،

ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﻣﺜﻼ‌ً ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷ‌ﻣﺔ ﻭﺿﺒﻂ ﺃﻣﻮﺭﻫﺎ، ﻛﺄﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ، ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ، ﻭﺍﻻ‌ﺟﺘﻤﺎﻉ ﺑﺎﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻟﻠﻌﻤﻞ، ﻭﻧﺤﻮ ﺫﻟﻚ ﻣﻤﺎ ﻻ‌ ﻳﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻘﺮﺏ ﺑﻪ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ ﺑﺎﻷ‌ﺻﺎﻟﺔ، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ‌ ﻳﺸﻤﻠﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻣﻦ ﺃﺣﺪﺙ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﺭﺩ" ﻓﻼ‌ ﺣﺮﺝ ﻓﻴﻪ ﺑﻞ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺸﺮﻭﻋﺎً، ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.





ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺑﻦ ﺑﺎﺯ :

ﻭﻳﻠﺘﺤﻖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﻭﺍﻻ‌ﺑﺘﺪﺍﻉ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺍﻻ‌ﺣﺘﻔﺎﻝ ﺑﺎﻟﻤﻮﺍﻟﺪ ﻭﺫﻛﺮﻯ ﺍﺳﺘﻘﻼ‌ﻝ ﺍﻟﺒﻼ‌ﺩ ﺃﻭ ﺍﻻ‌ﻋﺘﻼ‌ﺀ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺵ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﻭﺃﺷﺒﺎﻩ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻏﻔﻠﻮﺍ ﻋﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻨﻪ ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺼﺪﺍﻕ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : " ﻟﺘﺘﺒﻌﻦ ﺳﹷﻨﻦ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﺣﺬﻭ ﺍﻟﻘﺬﺓ ﺑﺎﻟﻘﺬﺓ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺩﺧﻠﻮﺍ ﺟﺤﺮ ﺿﺐ ﻟﺪﺧﻠﺘﻤﻮﻩ ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻓﻤﻦ " ، ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺁﺧﺮ: " ﻟﺘﺄﺧﺬﻥ ﺃﻣﺘﻲ ﻣﺄﺧﺬ ﺍﻷ‌ﻣﻢ ﻗﺒﻠﻬﺎ ﺷﺒﺮﺍً ﺑﺸﺒﺮ ﻭﺫﺭﺍﻋﺎً ﺑﺬﺭﺍﻉ ، ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺎﺭﺱ ﻭﺍﻟﺮﻭﻡ ؟ ﻗﺎﻝ : ﻓﻤﻦ ؟ " ، ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺇﻻ‌ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓﻘﺪ ﻭﻗﻊ ﻣﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻤﺼﺪﻭﻕ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻣﺔ ﺇﻻ‌ ﻣﻦ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻭﺍﻟﻤﺠﻮﺱ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﺧﻼ‌ﻗﻬﻢ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﺤﻜﻤﺖ ﻏﺮﺑﺔ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﺻﺎﺭ ﻫﺪﻱ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺧﻼ‌ﻕ ﻭﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﺃﺣﺴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺪﻋﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻋﺔ ﺳﻨﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻹ‌ﻋﺮﺍﺽ ﻋﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﺧﻼ‌ﻕ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻭﺍﻷ‌ﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﻓﺈﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ ﻭﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻖ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﻠﻔﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺃﻥ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻭﻳﻬﺪﻱ ﻗﺎﺩﺗﻬﻢ ﻭﺃﻥ ﻳﻮﻓﻖ ﻋﻠﻤﺎﺀﻧﺎ ﻭﻛﺘﺎﺑﻨﺎ ﻟﻨﺸﺮ ﻣﺤﺎﺳﻦ ﺩﻳﻨﻨﺎ ﻭﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺪﻉ ﻭﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻮﻩ ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻭﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﻪ ﺇﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻗﺪﻳﺮ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﻣﻦ ﺳﻠﻚ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺳﻨﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ .

" ﻣﺠﻤﻮﻉ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﺑﻦ ﺑﺎﺯ " ( 5 / 189 ) .



ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﻮﺯﺍﻥ :

ﻭﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮﻱ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻓﻴﻬﺎ : ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ، ﻛﺘﻘﻠﻴﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ ﺍﻟﺸﺮﻛﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ، ﻭﺗﺸﻴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻐﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ . ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻟﻌﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﺗﺨﺬﻭﺍ ﻗﺒﻮﺭ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻬﻢ ﻣﺴﺎﺟﺪ " ، ﻭﺃﺧﺒﺮ ﺃﻧﻬﻢ ﺇﺫﺍ ﻣﺎﺕ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺑﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮﻩ ﻣﺴﺠﺪﺍ ، ﻭﺻﻮﺭﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭ ، ﻭﺇﻧﻬﻢ ﺷﺮﺍﺭ ﺍﻟﺨﻠﻖ ، ﻭﻗﺪ ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﺩﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺍﻷ‌ﻛﺒﺮ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻐﻠﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺳﺒﺐ ﺫﻟﻚ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ . ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﻘﻠﻴﺪﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻷ‌ﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﺸﺮﻛﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺪﻋﻴﺔ ﻛﺄﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﺪ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﻟﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺃﻋﻴﺎﺩ ﻣﻮﺍﻟﺪ ﺍﻟﺮﺅﺳﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ، ﻭﻗﺪ ﺗﺴﻤﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﺒﺪﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺮﻛﻴﺔ ﺑﺎﻷ‌ﻳﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻷ‌ﺳﺎﺑﻴﻊ – ﻛﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟﻠﺒﻼ‌ﺩ ، ﻭﻳﻮﻡ ﺍﻷ‌ﻡ ﻭﺃﺳﺒﻮﻉ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ – ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻋﻴﺎﺩ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻭﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻋﻴﺔ، ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻭﺍﻓﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ؛ ﻭﺇﻻ‌ ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﺇﻻ‌ ﻋﻴﺪﺍﻥ: ﻋﻴﺪ ﺍﻟﻔﻄﺮ ﻭﻋﻴﺪ ﺍﻷ‌ﺿﺤﻰ ، ﻭﻣﺎ ﻋﺪﺍﻫﻤﺎ ﻓﻬﻮ ﺑﺪﻋﺔ ﻭﺗﻘﻠﻴﺪ ﻟﻠﻜﻔﺎﺭ ، ﻓﻴﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻨﺘﺒﻬﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﻻ‌ ﻳﻐﺘﺮﻭﺍ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻣﻤﻦ ﻳﻨﺘﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﻫﻮ ﻳﺠﻬﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ، ﻓﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ ﻋﻦ ﺟﻬﻞ ، ﺃﻭ ﻻ‌ ﻳﺠﻬﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﻌﻤﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷ‌ﻣﻮﺭ ، ﻓﺎﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺃﺷﺪ ، { ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻜﻢ ﻓﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺳﻮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻟﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵ‌ﺧﺮ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺍً } ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ/21 .

ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ " ﺍﻟﺤﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ"



ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻓﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ....

( 826 ـ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ) ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ، ﻭﺍﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻻ‌ ﻧﺒﻲ ﺑﻌﺪﻩ . ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ :ـ ﻓﺈﻥ ﺗﺨﺼﻴﺺ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺑﺨﺼﻴﺼﺔ ﺩﻭﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻳﺎﻡ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻴﺪﺍً ، ﻋﻼ‌ﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﺑﺪﻋﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺤﺮﻡ ﻭﺷﺮﻉ ﺩﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺄﺫﻥ ﺑﻪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﺻﺪﻕ ﺷﺎﻫﺪ ، ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﻤﻄﻬﺮ ﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻭﺃﺻﺪﻕ ، ﺇﺫ ﺍﻟﻌﻴﺪ ﺍﺳﻢ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩ ﻣﺠﻴﺆﻩ ﻭﻳﺘﻜﺮﺭ ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﺋﺪﺍً ﺑﻌﻮﺩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺃﻭ ﺍﻷ‌ﺳﺒﻮﻉ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺷﻴﺦ ﺍﻹ‌ﺳﻼ‌ﻡ ابن تيمية .

الجمعة، 2 سبتمبر 2011

الهلال بين رؤية شرعية ورؤية فلكية


الحمد لله الذي جعل الدين يُسْرا ، وما جعل علينا فيه من حرج، والصلاة والسلام على مَن أَرْشَدَ الأمة لأَقْوم سبيل ، وهداهم لأيسر طريق ، فأكمل الله به الدين ، وأتم به النعمة ، فتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وبعد : فقد رؤي هلال شوال 1432هـ بعد غروب شمس يوم الاثنين 29 رمضان والعيد الثلاثاء خلافا لزعم الفلكيين باستحالة رؤيته، وقد ثبت شرعاً لدى مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية رؤية هلال شهر شوال لهذا العام مساء يوم الإثنين الموافق 29 رمضان بشهادة عدد من الثقاة، وقد انتشرت مجموعة من المعتنين بالحساب الفلكي في هذه البلاد ، وكان لهم جهد مشكور في عمل التقاويم الإسلامية ، لكن حظهم من العلوم الشرعية كان ضئيلا ، فظن القوم أن علمهم هذا يخول لهم الحديث عن الأمور الشرعية والحلال والحرام । والأساس الذي بنينا عليه موقفنا في عدم اعتبار قول الفلكيين هو قوله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما : ( نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا - يعني تسعة وعشرون وثلاثون)، وقد أجمع أهل العلم الذي يعتد بقولهم على عدم اعتبار أقوال أهل الفلك والحساب في إثبات الرؤية ( كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله) ، بناء على هذا الحديث الذي بين فيه صلى الله عليه وسلم كيفية الرؤية وأنها لا تعتمد على الحساب والكتابة ، وأنه مبني على العد العادي، ولا يقال إن هذا فيه دعوة إلى الجهل والتخلف ، فمن اتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقد كفر ، ومن خَطَّأَ أهلَ العلم لفهمهم أن هذا الحديث يمنع من اعتماد الحساب في الأمور الأخرى مثل الفرائض والتجارة ونحو ذلك فقد افترى على العلماء وعليه جزاء المفترين، ولاشك أن الخلاف في هذه المسألة معتبر، وأن القائلين به من العلماء معدودون في الأئمة الأعلام، ولكن هذا لا يدل على صحة المذهب والقول ، بل كل قول مَرَدُّه إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)، ونحن ما زلنا نؤكد على أن الأمة لن تجتمع أو تتوحد إلا بأن توحد رؤيتها ، وتأخذ كل البلاد بالرؤية السابقة في أي بلد ظهر ، ولا مانع من الاستئناس بأقوال الفلكيين ، لكن لا تكون هي المحك في رفض الرؤية وقبولها ، بل المحك إنما هو في ثبوت الرؤية بالوجه الشرعي المعتبر، والمذهب القائل بالأخذ برؤية البلد المحلية دون سائر البلاد معمول به في معظم الدول الإسلامية لغلبة التقليد واتباع المذاهب ، وعدم الأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس أحد حجة في مسائل الشرع حتى لو كانت بلاد الحرمين ، لأن الحجة لا تكون إلا فيما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فمعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم تأكد أمره بتعليق الصوم والإفطار على الرؤية ، حيث قال فيما رواه البخاري ومسلم : (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له,...) وفي رواية : ( إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا) وهذا خطاب عام للأمة كلها أن تصوم بالرؤية ، لا تخصيص فيه ببلد أو بقوم أو بعشيرة أو بحدود سياسية أو بهيئة أو جمعية ، وفي سنن أبي داود بسند صحيح عن ابن عمر قال : تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأ مر الناس بصيامه । فالواجب الأخذ بالأسباب الشرعية التي توافق ما جاء في الكتاب والسنة، والعمل بما يوافقهما، وعدم الخروج والفرقة ، قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)، فنصيحتي لمن تسول له نفسه القيام بالعبث والتشكيك في أمور الدين والعبادات، والتغرير بالجهلة وأهل الأهواء في عباداتهم وتعاملاتهم أن يتقوا الله ويراقبوه، وأن يعلموا أن عملهم هذا مردود عليهم، وسيلقون رباً يجازيهم بأعمالهم وما قدموه، وأقول لهم أيضاً : الدين يسر، قال تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، والله جل وعلا أكمل لنا الدين وأرسل لنا الرسل وأنزل علينا الكتب فلا حاجة لكلام المتكلمين وتغرير المغررين وفلسفة المتفلسفين، قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، فمن أحدث في هذا الدين ما ليس منه فعمله مردود عليه، قال عليه الصلاة والسلام(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ونصيحتي لمن غرر بهم : أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن لا ينساقوا خلف الشائعات بلا علم ولا بصيرة، وأن يسألوا أهل العلم الراسخين، قال تعالى (فاسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون)، وقال تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، وقد صرح شيخ الإسلام ابن تيمية بأن أهل العلم أجمعوا أنه لا اعتبار بقول الفلكيين في نفي الرؤية ، إلا خلافا شاذا يحكى عن بعض الشافعية وهو مسبوق بالإجماع القديم فلا يعتد به، ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علق الصوم والإفطار على الرؤية ، ومنع الاعتماد على الحساب في الحديث الذي أوردناه عند الرد على الفلكيين.

وفي الختام نؤكد أن تطبيق السنة لا يمكن أن يكون مفرقاً، وأن المجمع والموحد لنا جميعا هو أن نطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم .إننا ندعو للتوحد تحت راية السنة المطهرة ، وأن يتجرد الناس من الأهواء ، وبخاصة الدعاة وبعض أهل العلم ممن تصدروا لقيادة المجتمع ، وندعو إلى ترك الحديث عن الماضي ولنتكلم عن المستقبل وماذا يمكننا أن نفعل فيه إذا ثبتت الرؤية مرة أخرى؟؟؟ إننا نمد أيدينا مبسوطة لكل راغب أن يثبت معنا على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فهل من مجيب ؟؟؟ وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فهد بن إبراهيم الجمعة
المملكة العربية السعودية
الرياض – عصر الخميس الموافق للثالث من شهر شوال لعام 1432 هـ

الجمعة، 19 أغسطس 2011

وصيتي في العشر الأخيرة من رمضان

إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:فأوصيكم أيها المسلمون بما وصى الله به الأولين والآخرين فقال جل من قائل عليما(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)، فتقوى الله هي خير زاد وأنفس علاج وأفضل مايقدمه العبد لنفسه يوم لقاء رب العباد في يوم المعاد، واعلموا رحمكم الله أن العمر قصير والأجل قريب والساعة قربت والحساب عسير إلا من يسره الله عليه، وأمامنا رحلة طويلة وشاقة تحتاج إلى زاد كثير وخير زادها التقوى، (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)، فالواجب على كل مسلم أن يجاهد نفسه الأمارة بالسوء على طاعة ربه بفعل الواجبات وترك المحرمات، فهذه هي التقوى، فليست التقوى بقيام الليل وصيام النهار والتخليط بينهما ولكن التقوى بفعل ما أمر الله به وترك مانهى عنه كما قال ذلك عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى ورضي عنه، وأن يستغل الأوقات الفاضلة بما يقربه من ربه جل وعلا وينجيه من عقابه، فهانحن ياعباد الله نعيش في شهر عظيم مبارك قد تصرمت أيامه وبدأت لياليه الشريفة بالإنقضاء، وبدأ هلاله بالنقصان، وغداً يبدأ أول يوم من أيام عشره الأخيرة، ولياليه هي أفضل ليالي السنة على الإطلاق، فيها ليلة القدر ، وما أدراك ما ليلة القدر؟ هي ليلة خير من ألف شهر من حرم فضلها فقد حرم خيراً كثيرا، قال تعالى(إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر)، من صلى صلاة واحدة فكأنما صلى ألف شهر، ومن تصدق فيها فكأنما تصدق ألف شهر، ومن ذكر الله فيها فكأنما ذكر الله ألف شهر، هي في العشر الأخيرة من رمضان، أخفاها الله جل وعلا عن عباده ليجتهد المجتهدون ويشمر المشمرون ويتسابق المتسابقون ويتنافس المتنافسون، قال تعالى(وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)، من قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه، فلا تحرم نفسك هذا الأجر العظيم وهذه الفرصة الجليلة، فإنما هي أيام معدودات، من ترك فيها بصمات خير وجد خيراً، ومن ترك غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، قال تعالى(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى)، وستنقضي هذه الليالي والأيام، وسيفضي كل منا إلى ما قدم، ولكل واحد منا خزانة سيجدها يوم العرض على الله، فاملأ خزانتك بما ينفعك، ولا تجعلها فارغةً فتندم، وأكثر في هذه الليالي من شتى الطاعات والقربات، من ذكر لله، وتصدق على الفقراء والمساكين، وصلة للأرحام، وقيام ليل، ودعاء، وبر للوالدين، وإحسان للضعفة والمعوزين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإسداء النصيحة ودلالة الناس للخير وتذكيرهم بالله جل في علاه، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة، وقراءة للقرآن، وعيادة للمريض، واتباع للجنائز، والكف عن أذى الآخرين بالقول والفعل، واجتناب ما حرم الله من غيبة ونميمة وقول باطل وبهتان وقول زور وشهادة زور، وأكل للرباء، وأكل لأموال الناس بالباطل، وأكل مال اليتيم، والكذب والظلم بأنواعه، لعل الله أن يغفر لنا جميعاً।ولنتذكر جميعاً أنه يشرع في هذه الأيام العشر المباركة الإعتكاف في بيوت الله، وهذه سنة الحبيب عليه الصلاة والسلام، حيث كان يعتكف العشر الأخيرة من رمضان حتى توفاه الله واعتكف أزواجه من بعده، ولنكثر من الدعاء لأنفسنا ولوالدينا ولأولادنا وأزواجنا وأقاربنا والمسلمين، وخير الدعاء في هذه العشر كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها قول(اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، فشمر أخي المبارك عن ساعديك واجتهد فيما تبقى من هذا الشهر الفضيل أكثر من ذي قبل، وذكر أهلك وأولادك بفضل الاجتهاد في هذه الليالي والأيام، وحفزهم بما تجود به نفسك حتى تجد الثمرة اليانعة بإذن الله بعد وفاتك، فيكونوا عباداً لله صالحين يدعون لك وينفعونك بعد مماتك، قال عليه الصلاة والسلام(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)، والله جل وعلا أمرنا بالإحسان إلى الأبناء بتربيتهم التربية الصحيحة المستقيمة فقال تعالى(يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)، ولنا في رسول الله قدوة حسنة، فقد كان يجتهد في العشر ما لايجتهد في غيره، فإذا دخلت العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله، فصلوات الله وسلامه عليه أبداً إلى يوم الدين، فلنجتهد جميعاً فيما بقي من شهرنا، فالخيل الأصيلة لا تزيد سرعتها إلا في المنعطف الأخير، والسعيد من ملأ وعاءه بالماء।وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

الجمعة، 15 يوليو 2011

وقفات قبل بداية شهر رمضان

نحن مقبلون على شهر عظيم ألا وهو شهر رمضان المبارك، وما أدرك ما شهر رمضان؟شهر البر والإحسان .. شهر أوله رحمة .. وأوسطه مغفرة .. وآخره عتق من النيران.شهر تمنى النبي صلى الله عليه وسلم لقائه، فقبل لقائه هو في شوق وحنين إلى لقائه كيف .. وهو شهر الصبر .. شهر الطاعة .. شهر الإنابة والذكر.لذلك والله ما ودعه مؤمن إلاّ وقلبه يحترق لفراقه، وما انصرف شهر رمضان عن عبدٍ صالحٍ قام بحقه وقدره إلاّ كان انصرافه في قلبه حزناً شوقاً وحنيناً لايعلمه إلا الله عز وجل . كم دخله بعيد من الله فقربه الله .؟كم دخله محروم فأعطاه الله .؟كم دخله مسيء فتاب عليه الله .؟ لذلك كان الأخيار من سلف هذه الأمة يتمنون لقائه يدعون الله وصوله وبلوغه.ولي وإياكم أيها الأحبة (خمس وقفات) قبل حلول هذا الشهر العظيم الوقفة الأولى :إذا قدم عليك شهر رمضان فوضعت أول قدم على أعتابه فحري بك أن تتذكر نعمة من الله أسداها إليك ومنة من الله أولاها إليك هذه النعمة أن بلغك الله شهر رمضان .. هذه النعمة أن كتب الله لك الحياة إلى بلوغ هذا الشهر .. كم من قلوبٍ حنت واشتاقت إلى لقاء هذا الشهر .. ولكن انقطع به القدر .. وانقطع بها الأثر فهم تحت الثرى في القبور .. فإذا بلغت شهر رمضان فتذكر منة الله عليك واحمد الله على الوصول والبلوغ وقل بلسان الحال والمقال اللهم لك الحمد على أن بلغتني رمضان لا أحصي ثناءً عليك .. إن قلت هذا وتمكنت هذه النعمة من قلبك تأذن الله لك بالمزيد (لأن شكرتم لأزيدنكم ) وحري بأن تصاب برحمة الله عز وجل .. والله ما شكر عبد نعمةً من نعم الله عز وجل إلاّ بارك الله له فيها.وإذا بلغت شهر رمضان تذكر أناساً حيل بينها وبين الصيام والقيام .. رهناء الآلام والأمراض والأسقام فهم على الأسرة البيضاء .. إذا تذكرت ذلك .. ورأيت الصحة والعافية في بدنك فاحمد الله على الوصول والبلوغ .. واسأله أن يعينك على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته .الوقفة الثانية :عقد النية على صلاح القول والعمل .. فليكن لديك منذ بداية هذا الشهر عزم بينك وبين الله على المسير إلى الله والتقرب إليه بطاعته وذكره وحسن عبادته.وهذا أمر ينبغي أن يتذكر من بداية هذا الشهر بأن تعقد النية على صلاح القول والعمل،فكم من أناس أدركوا شهر رمضان وأدركوا يوماً أو يومين .. ولكن اختارتهم المنية قبل بلوغ آخره فأعطاهم الله الأجر كاملاً .. لأنهم كانوا يطمحون ويطمعون في فعل المزيد من الطاعات ..الوقفة الثالثة :وهي وصية نبوية فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم ).لأن الصيام لا يقتصر عند الإمساك عن الطعام والشراب فحسبولكن هناك صيام عن الإحجام عن الكلام الذي لا يرضي الله عز وجل هناك صيام عن الأفعال الذي تسخط الله عز وجل لأن الصائم لا يليق به أن يرتكب لقط الكلام ورفثه .. فاحفظ لسانك أيها الصائم ولا تتفوه إلا بما يرضي الله عز وجل . قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا)، وقال عليه الصلاة والسلام (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) متفق عليه.الوقفة الرابعة :هذا الشهر هو شهر التوبة والإنابة والمغفرة .فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها )ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في هذا الشهر .نعم أيها الأحبة والله ذنوب العام كل العام تمحى لمن صدق مع الله في هذا الشهر ( يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم إستغفرتني غفرت لك)أيها الأحبة : من لم يتب إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يتوب .؟ومن لم يعد إلى الله عز وجل في رمضان فمتى يعود .؟فالبدار البدار بالتوبة قبل حلول الآجال .الوقفة الخامسة :من الأمور المهمة التي ينبغي للشخص أن يفعلها قبل حلول رمضانأن يتفقه في أحكام الصيام وما يتعلق [ بشروطه وآدابه وسننه وما يجب وما لا يجب إلى غير ذلك ] حتى يهيئ نفسه لاستقبال شهر رمضان .وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) فمن لا يسأل عن أمور دينه ولا يتفقه في أحكام الصيام ما أراد الله به خيرا بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخيراً : هذه بعض الأمور التي نستقبل بها هذا الشهر العظيم.. فاغتنم أيام هذا الشهر .. ولياليه .. وساعاته .. في الاستزادة من الخير والإقبال على الله عز وجل .. فإن العاقل والله لا يفرط في هذه الأيام .. وما يدريك لعلك مكتوب في سجل الأموات هذا العام .. وما يدريك لعلك لا تدرك رمضان المقبل.يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربه في شهر شعبان لقـد أظلك شـهر الصوم بعدَهُما *** فلا تصيره شهر تضييع وعصيان واتلـوا القـرآن ورتل فيه مجتهـداً *** فإنه شـهر تسبيـح وقـرآنكم كنت تعرف ممن صام من سلف *** من بين أهل وجيرانٍ وإخوانِ أفناهـم الموت واستبقاك بعدهم حي *** فما أقرب القاصي إلى الداني
اللهم بلغنا شهر رمضان ... وأعنا فيه على الصيام والقيام .. واجعلنا فيه ووالدينا من عتقائك من النار . آمين

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

علامات الإيمان

من علامات إيمان العبد الحرص على فعل الخير ونشره بين الناس، والنصيحة المستمرة لإخوانه المسلمين، والحذر من الوقوع في المعاصي، ومحاسبة النفس عند التقصير، وذلك بالاستغفار والتوبة إلى الله من هذه الذنوب، قال تعالى في وصف عباده المتقين (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم) ، وقال جل وعلا (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيما) ، فالمؤمن حقا هو الذي يحاسب نفسه عند التقصير، ويدعو ربه أن يوفقه لفعل الخيرات واجتناب المنكرات، ويسعى دائماً إلى الاستزادة من الطاعات والقربات، ويجاهد نفسهُ الأمارة بالسوء إلى المسابقة والمسارعة لفعل الطاعات امتثالا لقوله تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين) ، وقوله تعالى (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) ، وقوله تعالى (والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم) ، وقوله تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من المسارعين لفعل الخيرات والمجتنبين للخطايا والسيئات.

الخميس، 23 يونيو 2011

فضل الذكر


من اعتاد لسانه ذكر الله بحضور قلب؛ انشرح صدره وزال همه وشعر بسعادة غامرة لا تعدلها سعادة وكتب من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت"أخرجه البخاري ।قال الله تعالى: { ولذكر الله أكبر} ، وقال: { فاذكروني أذكركم } ।عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” يقول الله تعالى : أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم"متفق عليه ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات"أخرجه مسلم ، فذكر الله فضله عظيم وثوابه جزيل، والمداومة عليه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، وعد الله عليه بالثواب العظيم، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن المكثرين منه هم السابقون ॥ وكم نحفظ من ذكر سواء عند الاستيقاظ أو اللباس أو الطعام ونحوه ॥ لكن أين نحن من التطبيق !فهيا بنا نتعاهد على معرفة المزيد من الأذكار وحفظها ॥ ونتعاهد على عدم نسيانها وتعليمها لصغارنا حتى نتذوق حلاوة القرب من الله في كل حين ॥ وحتى ننعم برطوبة ألسنتنا في لهيب حر هذا الصيف ॥ ولنحيي بعض السنن المغيبة ..ولنجدد اخلاص النية واننا نريد بكل هذا وجه الله سبحانه ونرجو مثوبته وعفوه ..قال الله تعالى : {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُون । أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}


إلى كل مهموم

إلى كل مهموم ... إلى كل خائف ... إلى كل مظلوم ... إلى كل مريض ... إلى كل فقير ... إلى كل محروم ... قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((من قال حين يصبح وحين يمسي حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمري الدنيا والآخرة))

ممن أنت؟


ونحن نرى الذين يشرون أنفسهم لله، والذين بخلوا بها وفي الفتنة سقطوا، كل يسأل نفسه أنا ممن؟


((تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون))


أو ((فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله ... ))

الاثنين، 20 يونيو 2011

احتساب الأعمال

ينبغي لكل مسلم أن يكون فطنا في مقاصد العبادات ، فيعلق قلبه بالله ، ويحتسب الأجر المترتب عليه ، فإذا أراد أن يتوضأ مثلاً فلينو بقلبه ثلاثة أمور : الإمتثال لأمر الله القائل (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) ، والاتباع للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، قال تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ، وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) ، وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) ، وقال جل وعلا (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ، وقال سبحانه (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) ، وقال عليه الصلاة والسلام (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نيتكم عن شيء فاجتنبوه) رواه البخاري ومسلم ، واحتساب الأجر من الله وذلك بإخلاص العمل لله وحده وابتغاء الأجر والثواب منه سبحانه ، فلا يكون مع العمل رياء ولا سمعة ، قال تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) ، وقال تعالى (فاعبد الله مخلصا له الدين) ، وقال جل وعلا (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (احتسبوا أعمالكم فإن من احتسب عمله فله أجر عمله وأجر حسبته) ، كذلك إذا أراد المسلم أن يغتسل من الجنابة فإنه ينوي بقلبه أنه يمتثل لأمر الله القائل (وإن كنتم جنبا فاطهروا) ، وكذلك الاتباع للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، واحتساب الأجر من الله ، وإذا أراد المسلم أن يذهب إلى المسجد لأداء الصلاة المفروضة مع جماعة المسلمين فإنه ينوي الامتثال لأمر الله القائل (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) والقائل (وأقيموا الصلاة) ، واحتساب الخطوات للمسجد ، واحتساب أجر حضور الجماعة ، وأيضاً إذا دخل المسجد قبل إقامة الصلاة فليصل ركعتين ولينوي بقلبه أنها سنة الوضوء وتحية المسجد والسنة القبلية واحتساب أجر ذلك من الله جل وعلا ، وغير ذلك من أمور العبادات المختلفة ، ففضل الله واسع ، والله ذو الفضل العظيم...

الأحد، 19 يونيو 2011

معاملتك مع الآخرين

عندما يسيئ إليك أحد تعزه ، فاصمت ، ولا تفسر صمتك ضعف ، فإن الصمت سيد لغات العالم ، ولا تجرح من حاول أن يجرحك ، فدعه يفعل ما يشاء ، والتزم الصمت ، ولا تشوه ماضيكم الجميل معاً ، وإن حاول هو أن يفعل فليفعل ، وتذكر المقولة (عامل الناس بأخلاقك وليس بأخلاقهم)

الاثنين، 18 أبريل 2011

احتساب الأعمال

ينبغي للمسلم أن يحتسب أعماله الصالحة حتى يؤجر على هذه الأعمال الصالحة وعلى حسبته ، فإن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا أراد المسلم أن يغتسل من الجنابة أو يتوضأ للصلاة فإنه ينوي بقلبه ثلاثة أشياء: الأول: الإمتثال لأمر الله جل وعلا الثاني: اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم الثالث: احتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى

علو الهمة

علو الهمة في الطاعات دأب الصالحين وطريق المفلحين وسبيل المتقين ، فتراهم إذا أرادوا أن يسألوا الله الجنة سألوه الفردوس الأعلى ، فهممهم عالية ونفوسهم تواقة لفعل الخير ، فتجدهم ينظرون إلى من هو أعلى منهم في في المسابقة لفعل الخير ، وإلى من هو أسفل منهم في أمور الدنيا ، فهنيئاً لهم.

التقنية الحديثة

التقنية الحديثة نعمة من نعم الله علينا ، ومن شكر الله جل وعلا على هذه النعمة أن نقوم باستخدامها في الخير ، وأن نسخرها في نفع أنفسنا ونفع إخواننا المسلمين ، فهي سلاح ذو حدين ، إن استعملها صاحبها في الخير وجد خيرا ، وإن استعملها في الشر فلن يجد إلا شراً وفساداً وفتنة - والعياذ بالله - ، وكثير من شبابنا وفتياتنا قد ابتلوا باستخدام التقنية بشتى أنواعها في غير ما ينفع بل قد يضر ويجلب الإثم والفساد والعار ، فوصيتي لكل مسلم ومسلمة أن يتقوا الله في أنفسهم وفي الآخرين ، وأن يشكروا الله جل وعلا على هذه النعمة التي بين أيديهم وذلك باستعمالها فيما ينفع وفيما يرضي الله تعالى ، وتذليلها في نشر الخير بين المسلمين ، وليعلم كل منا أن من نشر خيراً وعمل به من عمل فإن ذلك في ميزان حسناته ، ومن نشر شراً فإنه يكون في ميزان سيئاته وعليه وزر من عمل به إلى يوم القيامة ، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول(من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا)। رواه مسلم فليتنبه كل منا إلى هذا الأمر ، ولنسعى جاهدين إلى استغلال أوقاتنا وقدراتنا وعلمنا في نشر الخير بين المسلمين والنصح لكل مسلم ، وأن نحرص على أن نقدم لأمتنا ما ينفعها ففي ذلك الأجر العظيم.

الجمعة، 18 مارس 2011

من هم الأعداء؟

من هم الأعداء؟هل هم الفقيه أو المسعري أو الرافضة؟الكل يتفق على أنهم أعداء ظاهرين أمام أعيننا ، ولكن ألا تعتقد أن هناك أعداء يتخفون بيننا؟إن من يصدّر قرارات وأوامر قهرية ضد الموظفين في وقتٍ نحتاج فيه إلى هدوء النفس ورجاحة العقل هو العدو الحقيقي ، وهذا ما كان في تونس ومصر ، وزراء ورؤساء شركات هم من هيّج المواطن بسبب قراراتهم التعسفيّة।فأنا أرى أن العدو الحقيقي هو من يهيّج المواطن على الدولة بقرار قهري أجزم أنه يعرف عواقبه ويصرّ على تنفيذه والله المستعان.

ظهور الفساد مؤشر خطير

إن ظهور الفساد في مجتمع من المجتمعات مؤشر خطير على تدهور الدول وهلاك الأمم وتفرق الوحدة وتشتت الكلمة وانقسام الناس بين مؤيد ومعارض ، وما حصل في بعض الدول العربية وما يحصل حالياً في بعض الدول الخليجية لدليل واضح على ما ذكرنا ، لذلك من الواجب على زعماء الدول والمسؤولين فيها أن يتقوا الله في كل فرد من أفراد شعبهم ، وأن يجتثوا الفساد والمفسدين من بلدانهم وأراضيهم ، وأن يتذكروا أنهم مسؤولون أمام رب العباد في يوم عصيب ، وينطبق ذلك على مستوى الوزارات والشركات والإدارات.

القرارات الملكية

أبارك لجميع أفراد شعب المملكة العربية السعودية هذه القرارات الملكية ، وهذا بلا شك من فضل الله جل وعلا أولاً على أبناء هذه البلاد المباركة مهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين ((والله ذو فضل على المؤمنين)) ، ومن ثم جهود ولي أمر هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الحق خطانا وخطاه ، فالواجب علينا جميعا القيام بما يلي :1- أن نشكر الله جل وعلا على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة التي لا تعد ولا تحصى ، ((ولئن شكرتم لأزيدنكم)) ، ((وقليل من عبادي الشكور)).2- القيام بالتصدق على الفقراء والمساكين والذين هم في أمس الحاجة لمد يد العون والمساعدة وأخص بذلك من ليس له وظيفة تعينه بعد الله على مصارعة أمور الحياة ، ولنعلم جميعاً أننا مسؤولون أمام الله عن أموالنا من أين اكتسبناها؟ وفيمَ أنفقناها؟3- التزود من الطاعات وتجنب المنكرات ، فبطاعة الله وشكره تدوم النعم ويسود الأمن وتستقر الأحوال ، ((ذلك من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر)).4- الدعاء لولي الأمر بالصلاح والتوفيق وأن يرزقه الله البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه ، فبصلاح السلطان تصلح الأوطان ، وصدق ابن تيمية رحمه الله حين قال: (الملوك حسناتهم كبار).5- التصدق لأموات المسلمين والدعاء لهم.

الجمعة، 11 مارس 2011

إن بعضا من وسائل الإعلام التي تبث السموم وتزين الأفعال المشينة وتغرر بذوي العقول السفيهة من قنوات فضائية وصحف ومجلات ومنتديات مضللة لهي سبب في انحراف أصحاب العقول المتحجرة والقلوب السقيمة ، فتجد أحدهم يجلس بالساعات عند الفضائيات يقلب من قناة إلى قناة ويقرأ الصحف والمجلات صفحة صفحة لعله يجد طريقا يشبع رغبته ويلبي شهوته ، ولا يدري المسكين أن قراءة صفحة من كتاب الله أو حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم خير له ، وسوف يجد فيهما الطريق المستقيم والحل لجميع المشاكل والفتن ، ولو أنه استشار أهل العلم الراسخين في العلم لوجد الارشاد للطريق الصحيح بإذن الله ، قال تعالى ((وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) ، وقال تعالى ((وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)) ، وقال تعالى ((فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)) ، قال أبو جعفر : ( فإن اختلفتم - أيها المؤمنون - في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم ، أو أنتم وولاة أمركم ، فاشتجرتم فيه " فردوه إلى الله " يعني بذلك : فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم أنتم بينكم ، أو أنتم وأولو أمركم فيه من عند الله ، يعني بذلك : من كتاب الله ، فاتبعوا ما وجدتم . وأما قوله : " والرسول " فإنه يقول : فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيلا فارتادوا معرفة ذلك - أيضا - من عند الرسول إن كان حيا ، وإن كان ميتا فمن سنته ، " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " يقول : افعلوا ذلك إن كنتم تصدقون بالله واليوم الآخر ، يعني : بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب ، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك فلكم من الله الجزيل من الثواب ، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب)।
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه معقل بن يسار رضي الله عنه : (العبادة في الهرج كهجرة إلي) رواه مسلم ، أي: اقبالك على عبادة الله في وقت الفتن والقتل والقتال لك فيه أجر عظيم كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم : ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه مايريد وفى له وإلا لم يف له) رواه البخاري। أي لا يقصد طاعة الله في مبايعة من يستحق الإمامة।

فالواجب على كل مسلم أن ينتصر لدينه وطاعة ولاة أمره في المعروف وعدم الخروج عليهم ، ولا ينظر إلى الدول الأخرى الذين يمنعون من قبل ولاة أمرهم من أداء الصلاة في المساجد أو من لبس النساء للحجاب ، وليشكر الله عز وجل على أنه في دولة مسلمة تحكم شرع الله وتقضي بحكم الله وتطبق الشريعة في جميع أمورها ، ولنكثر من دعاء الله بأن يقينا شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير ، ولنتذكر قوله تعالى ((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) ، وقوله تعالى ((وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)) ، نسأل الله أن بحفظنا وأن يوفقنا للطريق المستقيم.

السبت، 5 مارس 2011

نُزع الحياء

بدأت كثير من الصحف والمجلات المحلية بإظهار صور لبعض النساء دون حجاب ، الأمر الذي يشير إلى وجود فساد وبلاء يسعى من وراءه بعض الفسقة والمفسدين ، والذين لا يبالون بالعواقب الوخيمة جراء هذا العمل المشين ، فبمجرد ظهور المرأة أمام الناس بلا حجاب فإن ذلك فساد برم عينه ونشر للرذيلة ، وانتشار الفتن بين الناس مؤشر خطير لانتكاس الشعوب والأفراد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وإلى الله المشتكى ، وعليه التكلان ، فقد لا حظت في الآونة الأخيرة الظهور المتكرر والإنتشار والتوسع في نشر صور بعض النساء وفي أماكن واضحة لكل شخص ، فمثلاً تجدها في الصفحات الأولى لبعض الصحف والمجلات ، وكذلك في كثير من البرامج التلفزيونية ، وبلباس قد يفتن الأعمى وليس المبصر فحسب ، نسأل الله العافية.إلى هؤلاء النساء ومن ولي أمرهم أقول :اتقوا الله في أنفسكم ، واعلموا أنكم عن أعمالكم محاسبون ، وعن تفريطكم مجزيون ، وأمام رب العباد موقوفون ، وعن كل فتنة كنتم سببا فيها مساءلون ، واعلموا أن المرأة لها مكانتها في المجتمع كما قررها الشارع الحكيم ، فمن مكانتها وجلالة قدرها أن تكون بعيدة عن أنظار الرجال الأجانب ، متحصنة بلباس الحشمة والوقار ، ولا تكن مرتعاً لمرأى الكثير من الناس ، وسبباً للفتنة والفساد ، فالأصل بقاء المرأة في البيت لخدمة زوجها وتربية أبناءها ، قال تعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ، فالواجب على كل مسلمة أن تتقي الله عز وجل في نفسها وفيمن حولها ، وأن تحفظ نفسها من التبرج والسفور وافتتان الغير بها ، وأن تتذكر الوعيد الشديد لمن لم تحصن نفسها ، قال تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) ، وهذا نداء إلى أخواتي اللاتي منّ الله عليهن بالهداية وعرفوا لذة التوبة والطاعة والقرب من الله :أتمنى منكن القيام بهذه المهمة العظيمة بين بنات جنسكن المتبرجات اللواتي لم يعرفن الحجاب وأغلبهن يجهل ولا يمانع أن يلبسه ولكن يحتجن إلى توجيه وإرشاد منكن ، فأتمنى منكن أن تنصحن أي إمرأة أو فتاة تجدونها في العمل أو السوق أو الجمعية أو في الشارع أو في مكان عام أو خاص ولا تنظروا إلى الثمرة لتقطفوها سريعاً فإنما علينا البلاغ والهداية من الله تعالى ، ولكن لنقيم الحجة على الجميع فيهتدي من شاء الله له الهداية ، وليكن معكن شريط أو كتيب نافع دائماً حتى تستغلون كل الوسائل ليشرح الله صدورهن إلى الدين ، واعلمن أنه أمر قد يكون متعب في البداية ولكن هذا التعب لله تعالى وسيعوضكن الله عنه خير الجزاء ، فلبس المرأة للحجاب الشرعي يصرف عنها أذى المعاكسين الذين يتحرشون بكل فتاة إلا من التزمت بالحجاب الشرعي.أسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظ بناتنا ونساءنا من التبرج والسفور ، وأن يلهمنا التوفيق والرشاد إنه جواد كريم.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأحد، 27 فبراير 2011

حكم استعمال السبحة

يقول الشيخ الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في معرض كلامه عن السبجة -تاريخها وحكمها:

لا يستريب منصف أن اتخاذ السُّبْحَةِ لتعداد الأَذكار: تشبه بالكفار, وبدعة مضافة في التعبد بالأَذكار والأوراد, وعدول عن الوسيلة المشروعة: ((العَدَّ بالأنامل)) التي دَلَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله, وتوارثه المهتدون بهديه المقتفون لأَثره إلى يومنا هذا, وإلى هديه عليه الصلاة والسلام يُرد أمر الخلاف, وبه يتحرر الصحيح عند النزاع وإضافة إلى ذلك فإن فقهاء المذاهب المتبوعة لا يتنازعون في أن العد بالأنامل أفضل من العد بغيرها من الحصى ونحوه منثوراً أو منظوما، وأنه إذا انضاف إلى السُّبْحة أمر زائد غير مشروع, مثل جعلها في الأعناق تعبداً, والتغالي فيها من أنها حبل الوصل إلى الله, ودخول أي معتقد نفعاً وضراً, وإظهار التنسك والزهادة, إلى غير ذلك مما يأباه الشرع المطهر, فإنه يحرم اتخاذها, بوجه أشد, وأضيف هنا أمرين مهمين:
أولهما: أقول فيه: إن من وقف على تاريخ اتخاذ السبحة, وأنها من شعائر الكفار من البوذيين, والهندوس, والنصارى, وغيرهم وأنها تسربت إلى المسلمين من معابدهم؛ علم أنها من خصوصيات معابد الكفرة, وأن اتخاذ المسلم لها وسيلة للعبادة, بدعة ضلالة, وهذا ظاهر بحمد الله تعالى .
وهذا أهم مَدْرَكٍ لِلْحُكْم على السُّبْحَة بالبدعة, لم أر من تعرض له من المتقدمين سوى الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله تعالى – فمن بعده من أصحاب دوائر المعارف فمن بعدهم, ولو تبين لهم هذا الوجه لما قرر أحد منهم الجواز, كما هو الجاري في تقريراتهم في الأحكام, التي تحقق مناط المنع فيها: التشبه .
وثانيها: قال الغلاة في اتخاذ السُّبْحَة: ((إن العقد بالأنامل إنما يتيسر في الأذكار القليلة من ((المائة)) فَدُوْن, أما أهل الأوراد الكثيرة, والأذكار المتصلة, فلو عدوا بأصابعهم لدخلهم الغلط, واستولى عليهم الشغل بالأصابع, وهذه حكمة اتخاذ السُبحة.
أقول: ليس في الشرع المطهر أكثر من ((المائة)) في عدد الذكر المقيد بحال, أو زمان, أو مكان, وما سوى المقيد فهو من الذكر المطلق, والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب / 41]। إلى غيرها من الآيات, كما في: [آل عمران / 41, والأنفال / 45, والأحزاب / 35]। فتوظيف الإِنسان على نفسه ذكراً مقيداً بعدد لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم هو: زيادة على المشروع, ونفس المؤمن لا تشبع من الخير, وكثرة الدعاء والذكر, وهذا الأمر المطلق من فضل الله على عباده في حدود ما شرعه الله من الأدعية والأذكار المطلقة, بلا عدد معين, كل حسب طاقته ووُسعِه, وفَرَاغه, وهذا من تيسير الله على عباده, ورحمته بهم। وانظر: لَمَّا ألزم الطرقية أنفسهم بأعداد لا دليل على تحديدها؛ وَلَّدَ لَهُمْ هذا الإِحداث بِدَعاً من اتخاذ السُّبَح, وإلزام أنفسهم بها, واتخاذها شعاراً وتعليقها في الأعناق, واعتقادات متنوعة فيها رغباً, ورهباً, والغلو في اتخاذها, حتى ناءت بحملها الأبدان, فَعُلِّقَتْ بالسقوف, والجدران, وَوُقِّفَت الوقوف على العَادِّين بها, وانْقَسَمَ المتعبدون في اتخاذها: نوعاً وكيفيةً, وزماناً ومكاناً, وعدداً, ثم تطورت إلى آلة حديدية مصنعة, إلى آخر ما هنالك مما يأباه الله ورسوله والمؤمنون। فعلى كل عبد ناصح لنفسه أن يتجرد من الإِحداث في الدين, وأن يقصر نفسه على التأسي بخاتم الأنبياء والمرسلين, وصحابته – رضي الله عنهم – فَدَع السُّبْحَة يا عبد الله, وتَأَسَّ بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم في عدد الذكر المقيد, ووسيلة العد بالأنامل, وداوم على ذكر الله كثيراً كثيراً دون التقيد بعدد لم يدل عليه الشرع, واحرص على جوامع الذكر, وجوامع الدعاء। وَلاَ تَغْتَرَّ باتخاذ بعض الأئمة الكبار لها, أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – فإن الإِلْفَ والعادة لهما شأن كبير؛ إذ العادة مَلاَّكَة, والعوائد والأعراف تبني أصولاً, وتهدم أصولاً, والمعول على الدليل, وسلامة التعليل, وقواعد التشريع, وانظر كيف غلط أئمة كبار في أبواب التوحيد – مع جلالة قدرهم وعلو شأنهم – وما هذا إلا بحكم النشأة والأجواء المحيطة بهم, شيوخاً وتلاميذ وعامة, مع ضعف التجديد لهذا الدين, نسأل الله أن يغفر لنا ولهم, وأن يجمعنا بهم في جنته, آمين। وعلى المسلم الناصح لنفسه, أن لا يستوحش من هذا الحكم؛ لاستيلاء الإِلْفِ والعادة, ومستحدث رسوم التصوف ووظائف الزهادة, وأن يكون ديدنه الاكتفاء بهدي خاتم الرسل والأنبياء صلى الله عليه وسلم وأن لا يقدم بين يديه وليجة أخرى. وأختم هذا التحقيق بفصل عقده ابن الحاج – رحمه الله تعالى – في: ((المدخل: 3 / 214- 215)) فقال: ((فصل: ومن هذا الباب أيضاً ما يفعله بعضهم من تعليق السبحة في عنقه. وقد تقدم قول عمر رضي الله عنه لتميم الداريّ رضي الله عنه: أنت تريد أن تقول: أنا تميم الداري فاعرفوني. وما كان مراده إلا أن يذكّر الناس بالأحكام الشرعية المأمور بإظهارها وإشاعتها, وإظهار السبحة والتزين بها لا مدخل لهما في ذلك, بل للشهرة والبدعة لغير ضرورة شرعية. وقريب من هذا ما يفعله بعض من ينتسب إلى العلم فيتخذ السبحة في يده كاتخاذ المرأة السوار في يدها, ويلازمها, وهو في ذلك يتحدَّث مع الناس في مسائل العلم وغيرها, ويرفع يده ويحركها في ذراعه. وبعضهم يمسكها في يده ظاهرة للناس ينقلها واحدة واحدة كأنه يعدّ ما يذكر عليها, وهو يتكلم مع الناس في القيل والقال وما جرى لفلان وما جرى على فلان, ومعلوم أنه ليس له إلا لسان واحد, فعدّه على السبحة على هذا باطل, إذ إنه ليس له لسان آخر حتى يكون بهذا اللسان يذكر واللسان الآخر يتكلم به فيما يختار, فلم يبق إلا أن يكون اتخاذها على هذه الصفة من الشهرة والرياء والبدعة. ثم العجب ممن يعدّ عَلَى السبحة حقيقة ويحصر ما يحصله من الحسنات, ولا يعد ما اجترحه من السيئات! وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((حَاسِبُوا أنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا))فأرشد عليه الصلاة والسلام إلى محاسبة المرء لنفسه فيما يتصرف فيه باعتقاده وجوارحه, ويعرض ذلك كله على السنة المطهرة, فما وافق من ذلك حمد الله عز وجل وأثنى عليه, وبقي خائفاً وجلاً خشية من دسائس وقعت له لم يشعر بها, وما لم يوافق احتسب المصيبة في ذلك, ورجع إلى الله تعالى بالتوبة والإِقلاع, فلعل بركة التوبة تمحو الحوبة وينجبر بذلك ما وقع له من الخلل, وهذه الطائفة أصل عملها التحفظ من السيئات والهواجس والخواطر, ثم بعد ذلك يأخذ في كسب الحسنات। وقد قالوا: إن ترك السيئات أوجب من فعل الحسنات؛ لما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: ((اتَّقِ المَحَارِمَ تكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ))وقد حُكِي عن بعضهم أنه بكى أربعين سنة, فسئل عن سبب بكائه, فقال: استضافني أخ لي فقدمت له سمكاً فأكل, ثم أخذت تراباً من حائط جار لي فغسل به يديه, فأنا أبكي على ذلك التراب الذي أخذته منذ أربعين سنة। وحُكِي عن آخر مثله فسئل عن ذلك, فقال: طلع لي طلوع فرقيته فاسترحت منه, فأنا أبكي عليه لعدم رضائي بما فعله الله بي, أو كما قال, وأحوالهم في هذا المعنى قلّ أن تنحصر। فإذا كان هذا حالهم في مثل ما وصفناه عنهم فما بالك بمن يحمل الأثقال؟ وأي أثقال؟ ثم يحصر الحسنات ولا يفكر في ضدها فـ (إنا لله وإنا إليه راجعون) ثم إن بعضهم يحتج بأنها محركة ومذكرة, فوا سوأتاه إن لم يكن التحريك والتذكير من القلب فيما بين العبد وبين الرب سبحانه وتعالى, وقد تقدم ما ورد في الحديث: ((إنَّ عَمَل السِّرِّ يَفْضلُ عَمَلَ الجَهْرِ بِسَبْعِينَ ضِعْفاً)) هذا, وهو عمل, فما بالك بإظهار شيء ليس بعمل, وإن كانت صورته صورة عمل؟ وما زال الناس يخفون أعمالهم مع وجود الإِخلاص العظيم منهم, وهو مع ذلك خائفون وجلون من دخول الدسائس عليهم, فأين الحال من الحال؟ فـ (إنا لله وإنا إليه راجعون)। وبالجملة ففعل ذلك فيه من الشهرة ما فيه)) انتهى
هذا في حكم اتخاذ السُّبْحَة لعِدِّ الأَذكار؛ ولذا فإنه تفريعاً على أنها وسيلة محدثة, وبدعة محرمة؛ ولما فيها من التشبه بالكفرة, والاختراع في التعبد؛ فإنه لا يجوز فيما كان سبيلها كذلك تصنيعها, ولا بيعها ولا وقفيتها, ولا إهداؤها وقبولها, ولا تأجير المحل لمن يبيعها؛ لما فيه من الإِعانة على الإِثم, والعدوان على المشروع, والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة/2] .
وأما استعمالها للتسلي واللعب بها, فخليق بالمسلم الابتعاد عن التشبه بالكفار, وعدم تكثير سواد المبتدعة. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في: ((منهاج السنة النبوية: 4 / 152- 153)) في معرض بيان مطول في النهي عن مشابهة الرافضة: ((فالذي قاله الحنفية وغيرهم, أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إِلاَّ عَلَى عَليِّ دون الصحابة, فإِذا صَلَّى عَلى عَلِيِّ ظُنَّ أنه منهم, فيكره لئلا يظن به أنه رافضي, فأما إذا علم أنه صَلَّى عَلَى عَلِيِّ, وعلى سائر الصحابة؛ لم يكره ذلك. وهذا القول يقوله سائر الأئمة, فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحباً, ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات, إذا صارت شِعاراً لهم, فإنه لم يترك واجباً بذلك, لكن قال: في إظهار ذلك مشابهة لهم, فلا يتميز السني من الرافضي, ومصلحة التمييز عنهم لأَجل هجرانهم ومخالفتهم, أعظم من مصلحة هذا المستحب. وهذا الذي ذهب إليه يُحتاج إليه في بعض المواضع, إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب, لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائماً, بل هذا مثل لباس شعار الكفار, وإن كان مباحاً إذا لم يكن شعاراً لهم, كلبس العمامة الصفراء فإنه جائز إذا لم يكن شعاراً لليهود, فإذا صار شعاراً لهم نُهي عن ذلك)) انتهى .
هذا ويكون التحريم للسُبحة أشدّ: إن كانت من ذهب, أو فضة, أو مطلية, أو مموهة بهما, أو بأحدهما, وإن كانت من مادة نجسة, كَعَظم ما لا يؤكل لحمه, فهذا وجه آخر للتحريم مع بطلان الصلاة بها, أي: إن كانت من مادة نجسة كعظم ما لا يؤكل لحمه كالبغال. هذا ومن ضعف الأدب, وقلة الإِحساس: أن تخاطب الشخص وهو يعبث بالسُبحة ويتسلَّى, وأنت مُجْهِدٌ نفسك بإكرامه والحديث معه. وإذا كان: ((السِّوَاك)) يكره في مثل هذه الحال, وهو في أصله مطهرة للفم, مرضاة للرب سبحانه فيكف بالسُّبْحَة التي هي مَذَمَّةٌ في الإِسلام؟ .
هذه خلاصة ما ظهر لي تحقيقه بشأن السُّبْحَة, والله تعالى أعلم .

كارثة جدة

إن المتأمل فيما حصل في مدينة جدة هذه الأيام من كوارث وسيول جارفة ليعلم علم اليقين أن الله جل وعلا قادر على كل شيء ، وأن لله جنود السماوات والأرض ، وأن الله سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأنه جل في علاه يمهل ولا يهمل ، وأنه سبحانه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، كما جاء في الحديث عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) قال : ثم قرأ : ((وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)) متفق عليه.هذا الحديث سلوى للضعفاء المظلومين المؤمنين المعذبين في الأرض بغير حق ، ليعلم الموحدون المضطهدون أنه ولابد أن يأتي يوم يخلص الله فيه عباده المقهورين من هؤلاء الظلمة المتجبرين .وهذا الحديث يجمع سُنتين من سنن الله تعالى : الأولى: سنة الإملاء والإمهال للظالمين ، يقول صاحب اللؤلؤ: ليملي : أي يمهل ويؤخر ويطيل له في المدة.
الثانية: أخذ الله للظالمين وعدم إفلاتهم من عقاب الله الأليم . لم يفلته: أي لم يطلقه ، وقال أهل اللغة: (يقال أفلته أطلقه وانفلت تخلص منه). وكذلك أخذ ربك: قال الراغب: (الأخذ حوز الشيء وتحصيله وذلك تارة بالتناول وتارة بالقهر) والله تعالي يقول في الحديث القدسي) : إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) ، وكذلك أخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال : (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) والظلم:هو أخذ مال الغير بغير حق أو التناول من عرض أو نحو ذلك. قاله صاحب اللؤلؤ وقوله ظلمات : قال القاضي (قيل على ظاهره فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً حتى يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وبأيمانهم . ويحتمل أن الظلمات هنا الشدائد وبه فسروا قوله تعالى )قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر (أي شدائدهما ، وقيل: إنها عبارة عن الأنكال والعقوبات) أ.هـ قال الحافظ في الفتح : قال ابن الجوزي : الظلم يشتمل علي معصيتين : أخذ مال الغير بغير حق ، ومبارزة الرب بالمخالفة ، والمعصية فيه أشد من غيرها ، لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر علي الانتصار ، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب ، لأنه لو استنار بنور الهدى لأعتبر ، فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئا) أ.هـ ومن منا يحتمل عاقبة الظلم .. من منا يقوى على ظلمات يوم القيامة أو يقوى على التطويق من سبع أراضين؟ .. من يتحمل العذاب الأليم الشديد؟ ، يقول الإمام الزمخشري : (وهذا تحذير من وخامة عاقبة الظلم لكل أهل قرية ظالمة من كفار مكة وغيرها بل لكل من ظلم غيره أو نفسه بذنب يقترفه ، فعلى كل من أذنب أن يحذر أخذ ربه الأليم الشديد ، فيبادر بالتوبة ولا يغتر بالإمهال).
ونصيحتي لمن ولي أمراً من أمور المسلمين سواء كان هذا الولي ملكاً في مملكته أو رئيساً قي دولته أو وزيراً في وزارته أو مديراً في دائرته أو مدرساً في مدرسته أو قاضياً في محكمته أو أباً لأبنائه ومسئولاً عنهم أن يتقي الله فيمن هم تحت ولايته ومسئوليته ، وليعلم أنه مسئول عنهم يوم يقف بين يدي الله للجزاء والحساب ، وليعمل جاهداً قدر استطاعته على أداء هذه الامانة التي يحملها والتي أبت أن تحملها السماوات والأرض والجبال لعظمها ، وليعلم أن سبب الكوارث والفتن والزلازل والمحن والمصائب إنما هو بسبب الذنوب والفساد وتضييع الأمانة ، وما شاهدناه هذه الأيام من كوارث في مدينة جدة بالمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية إنما هو أقرب مثال وخير شاهد لنتيجة الفساد وتضييع الأمانة وعدم أداءها ، قال تعالى((وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير)) ، ولنعلم جميعاً أن الأمطار التي هطلت على مدينة جدة وعلى جميع مناطق المملكة إنما هي أمطار خير وبركة ، ولم يتضرر منها إلا قاطني هذه المدينة بأمر الله جل وعلا ثم بسبب ما فيها من الفساد الإداري وعدم الاهتمام من قبل بعض المسئولين بأمر المسلمين والقيام بأداء الأمانة التي اؤتمنوا عليها ، وليتذكر هذا المسئول وغيره قول الله تعالى ((وقفوهم إنهم مسئولون)) ، وقوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)) ، وقوله تعالى : ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)) ، وليعلم هذا المفرط أنه آثم عن كل ما يقع بسبب تفريطه من هدم وغرق وموت وغير ذلك من الأمور التي لا تحمد عقباها ، وأنه مساءل أمام الله في يوم الحساب ، قال عليه الصلاة والسلام (ما من رجل يسترعي رعية يموت حين يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) متفق عليه.
فلنتق الله في أنفسنا ، ولنؤد الأمانة على أكمل وجه ، ولنحتسب الأجر من الله جل وعلا ، ولندعو لإخواننا المتضررين في كل مكان بأن يرفع الله عنهم ما حل بهم ، ولنسأل عن أحوالهم ونتصل بمن نعرف منهم للاطمئنان عليهم ، فالمؤمنون إخوة يتألمون جميعاً مما يتألم منه بعضهم ، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا كما قال ذلك عليه الصلاة والسلام ، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إنما مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
أسأل الله جل وعلا بمنه وكرمه أن يرفع عن إخواننا المتضررين في مدينة جدة وفي كل مكان ، وأن يلطف بهم ، وأن يرحم ضعفهم إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ، وأن يوفق ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح البلاد والعباد ، وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على كل خير وتعينهم عليه.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.